أن الإبداع والابتكار هما من اهم عماد المحاور الثلاثة للرؤية وهي: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح. وقد أولت قيادتنا الرشيدة -يحفظها الله- عنايتها الفائقة لمواردنا البشرية لتحقيق مستهدفاتنا التنموية ورؤية ٢٠٣٠. حيث أن من أهم المنطلقات الاستراتيجية لهذه الرؤية مقوماتنا الوطنية سواء المادية والاقتصادية الهائلة، والبشرية الثرية. وهذا ما يجعل أهداف وبرامج رؤية المملكة ٢٠٣٠ من شأنها أن تكون بيئة حاضنة للابتكار الذي يقوم مفهومه على ادخال فكرة أو منتج أو عملية في حيز التنفيذ، ويكون ذلك عن طريق مساهمة تبني الأفكار الإبداعية في عملية الإنتاج التنموي بما يتواءم مع قيم المجتمع السعودي و احتياجاته.
في وقت تسعى فيه رؤية ٢٠٣٠ إلى ضمان أن تكون المملكة ضمن أفضل ١٠ دول في مؤشر التنافسية العالمية للابتكار. لذلك كان لزاما علينا تحديد دور الجامعات في رفع مؤشرات الابتكار الدولية للمملكة وتحليلها تمهيدا لوضع استراتيجيات محكمة وذات اثر مباشر وسريع علي ترتيب المملكة دوليا.
المؤشرات الدولية للابتكار
ولمعرفة بشكل اوضح ولفهم اشمل لنقاط القوة والضعف لدى الدول في مجال الابتكار هناك مؤشرات عالمية رئيسية لقياس مستوى الابتكار مقارنة بالدول الأخرى حول العالم.
أولاً: مؤشر بلومبيرج للابتكار ٢٠٢١ (Bloomberg Index)
شركة (Bloomberg LP) هي شركة خاصة للخدمات المالية وبيانات البرمجيات ووسائل الإعلام. يقع مقرها الرئيسي في وسط مدينة مانهاتن في نيويورك. غالبًا ما يُقاس الابتكار بالأفكار الجديدة والخدمات الجديدة. يصنف مؤشر بلومبيرج للابتكار قدرة الابتكار الإجمالية لأكثر من ٦٠ اقتصادا ابتكارا في العالم. تم تسجيل كل اقتصاد على مقياس من ٠ – ١٠٠ بناءً على سبعة مقاييس متساوية الأهمية، بما في ذلك الإنفاق على البحث والتطوير ، والقدرة على التصنيع وتركيز الشركات العامة عالية التقنية.
الجدير بالذكر أن تصنيفات ٢٠٢١ عالمياً لهاذا العام استمر في عكس توجه الدول في الحرب ضد (Covid-19) من جهود الحكومات في احتواء الوباء إلى البنية التحتية الرقمية التي سمحت للاقتصادات بالعمل من خلالها ، والسباق لتطوير لقاحات ووفقًا للتقرير ، فإن “العديد من الدول التي تتصدر المؤشر – مثل كوريا وألمانيا – كانت رائدة في بعض مجالات مكافحة الوباء، سواء كان ذلك من خلال تتبع الاتصال أو التطعيم السريع ومع ذلك فإن الكثير من البيانات مأخوذة من الفترة التي سبقت الجائحة. ومن بين الاقتصادات العربية في المؤشر شملت بالترتيب على دولة الامارات العربية المتحدة (المرتبة ٤٣) حيث حلت بالمرتبة الأولى عربياً وتقدمه مرتبة واحدة عن ترتيبها للعام الماضي تليها دولة قطر في (المرتبة ٥٢) في المرتبة الثانية حيث تقدمت ثلاث مراتب عن العام الماضي وقد حققت المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة عربياً و (المرتبة ٥٣) دولياً محافظة على نفس الترتيب للعام الماضي تليها دولة تونس بالمرتبة الرابعة عربياً و (المرتبة ٥٧) دولياً حيث تراجعت خمس مراتب عن العام الماضي.
وبالتدقيق في جدول (١)و مؤشرات المملكة لهذا العام، نجد أن في مؤشر تركز البحثي للباحثين لا توجد اي معلومات متاحة لهذا المؤشر. وبعد تحليل المؤشرات الفرعية السبعة وتأثيرها على ترتيب المملكة نجد أن بالنظر إلى المؤشرات واثرها على الترتيب يأتي مؤشر تركيز شركات التقنية (بالمرتبة ٥١) من بين ٦٣ يليه كثافة البحث والتطوير في (المرتبة ٤٦) ومن ثم مؤشر براءات الاختراع حيث حلت المملكة (المرتبة ٤٢ ) في هذا المؤشر.
من هنا تتجلى أهمية تفعيل دور الجامعات السعودية في رفع كفاءه المملكة في هذا المؤشر الدولي بالتركيز على المؤشرات الأربعة السابقة من خلال وضع خطط استراتيجية من أجل المساهمة في رفع مؤشرات المملكة في هذا التصنيف. وتشمل وضع هوية بحثيه او مسارات بحثية واضحة ومحددة تعكس توجهات المؤسسة ورؤية المملكة ٢٠٣٠. بالإضافة لوضع شركات التقنية كهدف او مخرج للأبحاث العلمية و الابتكارات، ومنة الى تركيز على الانتاج البحثي النوعي المبتكر ومدى غزارته علي مستوي الطالبات و الاعضاء ووضع آليات لتحفيز كافة المنسوبين للإنتاج البحثي. واخيرا الحرص كل الحرص علي تفعيل الابحاث النوعية وتحويلها الي براءات اختراع تخدم المجتمع و العالم بأسرة.
ثانياً: مؤشر الابتكار الدولي GII ٢٠٢١ :
يعد هذا المؤشر أهم مرجع لقياس اداء الابتكار لدى الدول المشاركة وعددها ١٣١ دولة. يٌعد التقرير السنوي من قِبل كل من جامعة كورنيل ، انسياد والمنظمة العالمية للمكية الفكرية (WIPO). ويقيس المؤشر مؤشرين فرعين مؤشر المدخلات والذي يشمل على سبيل المثال مقدار الانفاق والبنية التحتية ومؤشر المخرجات والذي يشمل عل سبيل المثال المخرجات البحثية والابتكارات المسجلة. قد حلت المملكة العربية السعودية في ( المرتبة ٦٦) عالمياً محافظة على نفس ترتيبها للعام السابق، كما هو ظاهر في الجدول (٢).
ومن بين الاقتصادات العربية في المؤشر شملت بالترتيب دولة الامارات العربية المتحدة حيث حلت بالمرتبة الأولى و (المرتبة٣٣) دوليا. وقد حققت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية عربية متقدمة مرتبة واحدة عن العام الماضي عربيا، تليها دولة قطر في في المرتبة الثالثة و (المرتبة ٦٨) دوليا. كما تراجعة دولة تونس مرتبتين، حيث حققت المرتبة الرابعة عربياً و (المرتبة ٧١ ) دولياً تليها دولة الكويت بالمرتبة الخامسة عربياً و (المرتبة ٧٢) دولياً. كما شمل التقرير ايضا علي ذكر ابرز نقاط القوة والضعف الخاصة بالمملكة العربية السعودية وتمحورت كما هو ظاهر بالجدول (٣)
يوضح شكل (١)، وبتحليل المؤشرات بالترتيب نحو الافضل من بين السبع مؤشرات الفرعية. يأتي في المرتبة الاولى مؤشر راس المال البشري والبحث في(المرتبة ٣٢) متأخر مرتبة واحدة عن العام الماضي، يليه مؤشر تطور السوق في(المرتبة ٣٩) متقدم اربع مراتب عن العام الماضي، والبنية التحتية في(المرتبة ٥٤) متقدمة ثلاث مراتب. بالمقابل ظاهر في شكل (١)، وبتحليل المؤشرات بالترتيب نحو الاسواء يأتي مؤشر المؤسسات بالمرتبة الأولى حيث حلت المملكة (المرتبة ١٠١) متفوقة عن العام الماضي بمرتبه واحدة. يلية مؤشر تطور الأعمال في ( المرتبة ٨٩)، ومن ثم مخرجات إبداعية في(المرتبة ٧٨)، مخرجات المعرفة والتكنولوجيا في ( المرتبة ٦٩) حيث تقدم المؤشر عن العام الماضي بحوالي ٢٠ مرتبة.
نقاط القوة
يوجد خمسة نقاط قوة GII للمملكة العربية السعودية من أعمدة GII السبعة.
- راس المال البشري والبحث (٣٢): يظهر نقاط القوة في الركيزة الفرعية البحث والتطوير (٢٦) وفي المؤشرات العالمية لشركات البحث والتطوير (٢٢) وترتيب جامعة كيو إس (٢٤) حيث قفز عن العام الماضي ٧ مراتب.
- تطور السوق (٣٩): يعرض نقاط القوة في الركيزة الفرعية للتجارة والمنافسة ونطاق السوق (٢٩). وفي المؤشرات سهولة حماية المستثمرين الأقلية (٣) ، القيمة السوقية (٦)، الالتحاق بالتعليم العالي (٢٩)، ومقياس السوق المحلي (١٧).
- البنية التحتية (٥٤): توضح نقاط القوة في مؤشرات الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (٢٨) مخرجات والكهرباء (١٢).
- مخرجات إبداعية (٧٨): على الرغم من ترتجع المؤشر قرابة العشر مراتب الا انه تكمل نقاط القوة في مؤشر قيمة العلامة التجارية العالمية (١٩) .
- تطور الأعمال (٨٩): على الرغم من تراجع المؤشر عن العام الماضي الا انة يعرض نقاط القوة في مؤشر حالة تطور الكتلة (٨).
نقاط الضعف
وبالمقابل يوجد سته نقاط ضعف للمملكة العربية السعودية من أعمدة GII السبعة علي النحو الاتي.
- مؤسسات (١٠١): تظهر نقاط ضعف في الركيزة الفرعية لبيئة الأعمال (١٢٩) وفي المؤشر الاستقرار السياسي والتشغيلي (١١٩) ، وسهولة تصفية الإعسار (١٢٩).
- تطور الأعمال (٨٩): نلاحظ التراجع الملحوظ في ترتيب هذا المؤشر من (٥١) العام الماضي يوضح نقاط الضعف في مؤشر استيعاب المعرفة (١١٠)، صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة (١١٩)، ومدفوعات الملكية الفكرية (١٢٢).
- مخرجات إبداعية (٧٨):حيث شمل على نقاط الضعف في كل من مؤشر العلامات التجارية حسب المنشأ (١٠٤) ، التصاميم الصناعية حسب المنشأ (١٠١) وصادرات الخدمات الثقافية والإبداعية (١٠٠) على الرغم من صعود هذة المؤشرات الفرعية عن ماكانت علية في العام الماضي، الا انة مازلنا نلاحظ تراجع هذا المؤشر عن العام الماضي قرابة العشر مراتب.
- مخرجات المعرفة والتكنولوجيا (٦٩): تكشف عن نقاط الضعف في الدعامة الفرعية نشر المعرفة (٧٢) وفي المؤشرات معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لكل عامل (١٠١) وصادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (١١٨).
- البنية التحتية (٥٤): حيث تقدم هذا المؤشر عن العام الماضي بثلاث مراتب الا انه مازال يعرض نقاط الضعف في مؤشر ISO 14001 للشهادات البيئية (٩٦)، ومؤشر الاستدامة البيئية (٩٠). الجدير بالذكر ان المملكة العربية السعودية تشهد تطور غير مسبوق في مشاريع البنية التحتية في كافة مناطق المملكة و المتوقع انعكاس الأثر على المؤشر ٢٠٢٢م.
- رأس المال البشري والبحوث (٣٢): يُظهر نقاط الضعف في مقاييس PISA في القراءة والرياضيات وعلوم (٧١).
وبالنظر لنقاط الضعف يتجلى دور الجامعات التي من ممكن للجامعات أن تحدث فرق فيها حيث يأتي مؤشر مخرجات المعرفة والتكنولوجيا اولا بالتركير على خلق المعرفة ومن ثم تعزيز نشر المعرفة في المجلات العلمية المصنفة ورفع تأثير المعرفة بالتركير على النشر النوعي و الابتكاري الذي يخدم المجتمع المحلي والدولي خصوصا في المجالات التقنية و الصحية. يليه مؤشر مخرجات الابداعية وذلك بالتركيز علي خلق سلع وخدمات ابداعية بالاضافة الى التركيز على الابداع عبر الأنترنت. أما فيما يخص مؤشر تطور الأعمال بتعزيز ثقافة ريادة الاعمال وتقديم الدعم الفني والمادي للشباب بالتعاول مع الجهات الحكومية و الاهلية بالاضافة الى دعم مدفوعات الملكية الفكرية. و من ناحية اخرى نجد ان مؤشر البنية التحتية داعم للإبداع والابتكار ونركز فيه على موضوع الاستدامة البيئة. الجدير بالذكر ايضا، ان هناك مجموعة من المؤشرات بعدد ١٣ مؤشر فرعي تم تسجيل غير متوفر لعدم توفر هذه المعلومات في هذا المؤشر ومن ذلك نستنتج أهمية سعي الجامعات للمساهمة بدعم المؤشرات الفرعية وتوفير كافة المعلومات للجهات المعنية لما من ذلك بالغ الاثر على ترتيب المملكة دوليا.
الخاتمة
تسعى حكومتنا الرشيدة بقياداتها لبذل كل الجهد من اجل ان تكون المملكة العربية السعودية من أفضل ١٠ دول في مؤشر التنافسية العالمي للابتكار في ٢٠٣٠ وهذ يظهر جلياً في القرارات الملكية، حيث صدر قرار تشكيل لجنة باسم اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار المرتبط بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ومن خلال تكامــــل رؤية الجامعات مع توجهات رؤية المملكة بالإمكان تسريع قفزات وتقدم المؤشرات التنافسية العالمية للابتكار للمملكة. ونحن نتطلع لمؤشر ٢٠٢٢م المتوقع الاعلان عنه خلال الايام القليلة القادمة وتحديدا في تاريخ ٢٩/٩/٢٠٢٢م وعرض النتائج المتوقع و التي تعكس الدعم اللامحدود الموجه للابتكار.
ممتاز