في رحلة الابتكار المليئة بالمحطات المتنوعة، يقوم المبدعون بتوليد العديد من الأفكار والحلول بحسب المنهجية المتبعة (مثل منهجية التفكير التصميمي). وهنا يأتي السؤال المهم والمحير في تلك الملاحظة، أي من هذه الأفكار هو الأفضل؟
نعم، لا توجد إجابة أو تفضيل فكرة عن غيرها، لكن يمكننا استعمال “مثلث الأفكار” لإختيار الفكرة الأنسب والذي يجيب على التساؤل الجوهري: متى يُعد الحل مبتكراً؟
وللإجابة على هذا التساؤل الكبير، نقوم بالتقسيم والنظر الى الحل من منظور مختلف من ثلاث زوايا مختلفة (الترتيب التالي مهم)
أولاً: الجانب الإنساني
وهو الجانب المعني بمدى تلبيه الحل لحاجة المستخدم ومراعاة الحالة الإنسانية. قد نقول دائماً بشكل مازح وخارج عن السياق في بعض الأحيان عن بعض الحلول أو المنتجات أنها (غير قابلة للاستخدام البشري) وفي الحقيقة هذا واقع لبعض المنتجات حيث لا يراعى الجانب الإنساني من خلال تصميم الحل.
في عملية المعرفة عن تلبية الجانب الإنساني، علينا الإجابة عن الأسئلة التالية:
- هل الحل مرغوب؟
- هل يقدم الحل قيمة للعميل / المستخدم؟
- هل يلبي الحل احتياج العميل؟
- هل سوف يقوم العميل باستخدام الحل؟
- والسؤال الأهم: هل سوف يقوم بالشراء؟
الإجابة على هذه التساؤلات سوف توضح هل الحل فعلاً ناجح من ناحية تلبية الاحتياج بشكل مطلوب. أذا كان أي من الإجابات السابقة بــ(لا) قم باختيار حل أخر قبل أن تنتقل الى الجانب الثاني.
ثانياً: الجانب التجاري
إذا كان الحل يلبي حاجة الانسان، فهل سوف يلبي حاجة المؤسسة أو الاعمال لتوليد الأرباح، هل سوف يكون المنتج مجدي لهم؟
من الطبيعي أن تسعى المؤسسات التجارية نحو الربحية والاستمرارية (وللاستدامة في حال المؤسسات الغير ربحية، أيضاً) وعليه قبل أن تتبنى المؤسسة الحل الجديد، يجب ان تعلم إذا كانت سوف تربح من خلاله أو لا، وأن تكلفة الإنتاج لا تتجاوز قيمة البيع.
في عملية المعرفة عن تلبية الجانب التجاري، علينا الإجابة عن الأسئلة التالية:
- هل الحل قابل للبيع؟
- هل الجهد مجدي ومربح؟
- هل سوف يغطى الدخل قيمة التصنيع / الإنتاج / التطوير / التسويق؟
- والسؤال الأهم: هل يحقق الحل الاستمرارية والاستدامة؟
ثالثاً: الجانب الفني
السؤال الجوهري: هل يمكن عمله أو تنفيذه من الناحية الفنية أو تقنية؟
هنا يوجد بعض الآراء المختلفة والجدل حول هذا الجانب، ولعلنا نحتاج أن نسهب في هذا لغرض توضيح شيء مهم في عالم الابتكار.
في البداية، في عملية الابتكار نسعى أن يكون الحل وصنعه من الموارد المتاحة والأدوات والتقنيات المتوفرة عن طريق إعادة ترتيبها واستغلالها بطريقة ذكية. مثال بسيط، شركة أوبر (طلب سيارة الأجرة حسب الطلب عن طريق التطبيق) لم تخترع شيء جديد حيث قامت باستخدام التقنيات المتوفرة في ذلك اللحين في أجهزة الجوال الذكية المجهزة بالتصوير، نظام التتبع GPS، وطرق الدفع، وتطوير تطبيق خاص بها بذلك.
لكن السؤال الأكبر، إذا كانت لا توجد تقنية / عتاد حالياً يمكن استغلاله (مع التأكيد على تلبية الجانب الإنساني والتجاري) فماذا نفعل؟
هل سوف نقف رغم أن الجانب الأول والثاني يبشران بالخير ولكن الجانب الفني غير ممكن؟
هنا يأتي دور الاختراع والقيام بعمل فني بحت لتمكين الابتكار.
ومن هنا أيضاً مثال توضيحي و رائع للإجابة على السؤال الأزلي في عالم الابتكار: ما هو الفرق بين الاختراع والابتكار؟
من “مثلث الابتكار” يتضح لدينا ان الاختراع جزء من عملية الابتكار. أو يمكننا القول بتوظيفنا الاختراع لتحقيق الجانب الإنساني والتجاري، يتحول الاختراع الى إبتكار.
أخيراً: في مرحلة اختيار الفكرة والحل المناسب، يأتي السؤال أي فكرة هي الأفضل ومتى يُعد الحل مبتكراً. يتم ذلك من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
- الجانب الإنساني: هل الحل مرغوب؟
- الجانب التجاري: هل الحل مربح؟
- الجانب الفني: هل يمكن عمله؟
ويأتي هذا للتأكيد على ملائمة الحل للسوق وتلبيته لحاجة المستخدم حيث أنه السبب الأول في فشل الشركات والمنتجات الجديدة!
ونحن نعيش في وطن يسمو بالابتكار والازدهار و يلبي جميع جوانب الحياة وتمكين الرواد من رسم ملامح العالم الجديد لنكون في طليعة الدول في كافة المجالات.