العالم الموازي: الميتافيرس والتؤم الرقمي

وأنا أطالع الدراسة الاستطلاعية التي أعدتها هيئة الحكومة الرقمية تذكرت أن العم صالح بن عبدالرحمن الحصيّن رحمه الله بعد أن تولى رئاسة شئون الحرمين اتصل مستفسراً إن كان هناك تقنية متوفرة تتيح لكل مسلم زيارة الحرم افتراضياً. تيسر للمسلمين أن يعيشوا بجوار الحرم وفي جنباته، وإن لم يكونوا من سكان مكة، و ليتيسر لمن لا يتمكن لظروف صحية أو كبر سن أو قلة ذات اليد من السفر لمكة. وكان يبحث –رحمه الله- عما هو أفضل من الواقع الافتراضي VR. وفي تلك الفترة كان المتوفر هو تقنية Street View من قوقل، ولكن لها تحدياتها في توفر تقنيات معينة وخبرات نادرة.

تطورت هذه التقنية خلال العقد الماضي وانتشرت التجارب والاستخدامات. ومن التجارب الحالية مشروع سنغافورة الافتراضية وهو – حسب تعريفهم له – عبارة عن نموذج مدينة ديناميكي ثلاثي الأبعاد (3D) ومنصة بيانات تعاونية، تشمل الخرائط ثلاثية الأبعاد لسنغافورة. لتكون المنصة الرقمية الموثوقة والمخصصة للاستخدام من قبل القطاعات العامة، والخاصة، والأفراد والباحثين. وتمكن للمستخدمين من مختلف القطاعات من تطوير أدوات وتطبيقات متطورة لمفاهيم وخدمات واختبارها، والتخطيط واتخاذ القرار، والبحث في التقنيات لحل التحديات الناشئة والمعقدة لسنغافورة.

وهناك أيضا نموذج هلسنكي الافتراضية بفنلندا، Virtual Helsinki وهو توأم رقمي لمركز مدينة هلسنكي، تم إنشاؤه بتقنية ثلاثية الأبعاد عالية الجودة لتكون هيلسنكي عاصمة العالم الافتراضية ورائدة في مجال السياحة الافتراضية. وطور ليكون منصة المستقبل للتجارب والتسوق واللقاءات الاجتماعية في عاصمة فنلندا.

ونحن نرى اليوم التطور في الواقع المعزز والميتافيرس والتؤم الرقمي، كيف يمكننا أن نستفيد من هذه التقنية في بناء مدننا وجامعاتنا ومدارسنا وأماكن عملنا.

كيف يمكن أن نبني كل منها مستحضرين ثلاث خيارات وليس خيارا واحد، لأن لكل تجربة ما يناسبها، بل وربما حسب الأفراد أنفسهم:

  • ابتكارية حضورية: وهذه لها جمهورها ولها حاجتها في التواصل المباشر بين الناس وربما مع المعدات والأجهزة والأماكن السياحية والجغرافية. فالتقنية لن تمكنك من أن تحس بهواء المنطقة وشمسها وضبابها، ويبقى هناك متسع للابتكار في بناء هذه التجربة.
  • افتراضية تماماً: الافتراضي بطبيعته أقل تكلفة على المدى الطويل، وأوسع انتشارا لأنه يتجاوز الحدود الجغرافية، وأقل مخاطرة إذا طور بطريقة النموذج الأولي القابل للاختبار للتأكد قبل الاستثمار الكبير في التطوير والتسويق. فما هي الأجزاء التي يمكن أن تكون افتراضية تماما فتوفر علينا التكلفة والزمن في البناء.
  • التجربة المدمجة: أن تكون تكاملية لتوفر تجربة مدمجة تجمع بين الحضوري والافتراضي، فيكون هناك ما هو رقمي قبلي وبعدي وأيضا رفيقك الرقمي الذي يسير معك في جنبات هذه التجربة. ونحن نتحدث عن معلم افتراضي يكون معك على مدار اليوم وليس فقط أثناء حصته، ومرشد سياحي يكون معك في أي مكان تزوره، بل وبعد مغادرتك إلى بلدك الأصلي وهكذا في مجال الطب والعمل.

#هل_يمكن أن نوفر تجربة تؤم رقمي في

  • زيارة الحرمين والمشاعر المقدسة
  • في مدن المستقبل التي تبنى الآن: نيوم وذا لاين ومدينة مسك وغيرها
  • في جامعاتنا لنوفر الابتعاث الرقمي كما وفرنا المستشفى الرقمي
  • في أماكن السياحة مثل السودة والعلا ومشاريع البحر الأحمر
  • في الأماكن التاريخية مثل الدرعية والمربع

بالتأكيد نعم، فنحن نعيش في عصر كيف وليس هل

بقلم: م.سامي الحصين